17- مصر بين السلفية الوهابية و فقدان الهوية (1)‏


(تاريخ: 01/11/2010 )

‏««(فضفضة مصرية)»»
آثار اهتمامي حديث دار بين شابين مصرين عندما كنت جالسا بجوارهم على إحدى المقاعد العامة المتواجدة في وسط القاهرة بجوار ‏محلات الوجبات السريعة و منها بالطبع محلات الفول و لم اعرف بالظبط فحوى الحديث أو عما يتحدثون،

ولكنني تعمدت الإصغاء اكثر عندما ،

سأل أحدهم الأخر قائلا

هل أنت وطني؟

أجاب الثاني

طبع لا

يتداخل الأول بسرعة

لا اقصد الحزب الوطني طبعا ، فهو ابعد ما يكون عن الوطنية

أجاب الثاني

إذا ، فأنا طبعا وطني

يتساءل الثاني

و لكن ماذا تقصد بكلمة وطني؟

أجاب الأول

اقصد أن أدافع عن مصر ضد أي معتدى من اليهود و الكفرة و لا أتعامل معهم

يتساءل الثاني ... هل هذا معنى الوطنية ؟

يلتزم الاثنان الصمت!

و هنا وجدتني اطرح علي أحدهم هذا السؤال قائلا ،‏

لو كان عندك مشكلة كبيرة مع إحدى جيرانك أو مع أي مصري أخر و أردت أن تأخذ حقك المسلوب منك عن طريق القضاء و كان لك ‏حرية الاختيار بين اثنين من القضاة أحدهم مصري و الأخر غربي و في محكمتين مختلفتين أحدهم مصرية و الأخرى غربية ( كل ‏موظفيها من الغرب الكافر).‏

إلى إياهما محكمة سوف تفضل أن تذهب و تقاضى غريمك لتأخذ حقك ، الذي تعتقد انه حق مسلوب منك‏

أجاب الشابان معا و بلا تردد و بصوت واحد ..... إلى المحكمة الغربية طبعا!!!!‏

و نفس الإجابة حدثت أيضا عند التطرق إلى المحامين و أقسام الشرطة و رجال الشرطة .... و خلافة و كانت الأفضلية لمحامى الغربي ‏و رجل الشرطة الغربي ...... و هكذا.

أردت أن اسرد هذه الواقعة حتى أوضح من خلالها مدى الانفصام الذي قد آلا إليه المواطن المصري تجاه الغرب عموما ، فهو يعاديه ‏باسم الدين و يحتكم إلية و يحتمي فيه مستغلا إنسانيته و تسامحه و يحيا و يعيش على منتجاته الحضارية في نفس الوقت.

وجدتني اشرح لهما معنى الوطنية قائلا

الوطنية هي (حب بلا مقابل) الناتج عن الإحساس بالانتماء إلى الأرض و إلى الشعب صاحب هذه الأرض و هو ايضا الحب الناتج عن ‏الشعور بالانتماء إلى ماضي و حاضر و مستقبل هذا الشعب والى تاريخه و الارض المقيم عليها ، هذا الحب يجعل الإنسان تلقائيا يفعل ‏ما في وسعة لخير و لصالح هذا الشعب و هذه الارض و هو يستشهد فقط من اجل هذا الوطن (المصرى) و فداء له و ليس من اجل أى ‏اله او رسول أو أى ديانة
وبالتالي الوطنية لا تحتاج إلى اله أو إلى رسول ما لكي يساعد الإنسان و يحفزه على إن يدافع عن وطنه ، و ليس بالضرورة وجود ‏أعداء أو يهود أو كفرة حتى تكون هناك وطنية أو يكون عندك وطنية
لا يستطيع أي(قاضى بدوي) أو أي (مسئول بدوي) أن يعلم المصري و يعطيه دروس في معنى الوطنية أو الانتماء!!!!‏
ثم استرسلت في الحديث قائلا
هل كان المصرين اكثر وطنية قبل انقلاب العسكر و الإخوان في عام 52 ؟‏
هنا أجاوب و أقول بالتأكيد ... نعم!
و دليلي على ذلك ... بسيط جدا ... فبالرجوع إلى أدب نجيب محفوظ و بالأخص (الثلاثية المشهورة) ، سوف تجد اشتراك كل أفراد ‏الشعب فى الوطنية ، غنى كان أو فقير مسلم كان أو مسيحي و من كبار القوم أو من صغارهم ، الكل كان وطني و (لا اقصد بالطبع ‏الحزب الوطني).‏
نظر الشابان إلى بعضهما البعض ... نظرة فيها حسرة و استغراب .... ثم لاذا بالانصراف.


‏««(هل هو غباء سياسي آم عناد سياسي أم الأنثين معا؟)»»


كانت المدمرة الأميركية (إي سى كول) و التي تزن 8300 طن وقد كلف بناؤها البحرية‎ ‎الأميركية مليار دولار ، قد تعرضت لهجوم ‏إرهابي بواسطة تنظيم القاعدة في ميناء عدن جنوب اليمن في 12 أكتوبر عام 2000 م و قد أسفر هذا العمل الإرهابي عن مقتل‏‎17 ‎من بحارتها كما أصيب 39 آخرين بجروح.‏
و قد تعرض نظام (الرئيس عبد الله صالح) بعد هذا العمل مباشرة إلى ضغوط أمريكية و أوربية شديدة جدا و كان الغرض منها هو ‏السماح بتواجد قوات أمريكية أو غربية عن طريق حلف الناتو على الأراضي اليمنية بصورة علنية لمحاربة الإرهابيين.‏


رفض الرئيس (عبد الله صالح) في هذا الوقت هذا الضغط أوهذا العرض ومتعللا برفض الشعب إلي وجود أي أجنبي على الأرض ‏اليمنية.‏


معلوم ، امتلاك السلاح من قبل الشعب اليمنى وهو واضح للعيان و كانت الدولة تقوم (بتغميض العين) عند امتلاكه ، بعد هذا الحادث ‏الإرهابي سمحت الدولة بحمل السلاح و التباهي به في المظاهرات الشعبية المؤيدة لـ (عبد الله صالح) و كان المقصود بها بعث رسالة ‏إلى الغرب و أمريكا بأن الشعب مسلح و هو (إي الشعب) على أتم الاستعداد لمحاربة إي أجنبي يأتي إلى اليمن و تحت إي مبرر.


اصبح كل يمنى خلال هذا الوقت يستطيع شراء السلاح و تخزينه بسهولة (و بالتأكيد الأسلحة يتم تسريبها من مخازن الجيش) ، فقد ‏أعطت الدولة الضوء الأخضر لذلك ، و هذا ساعد على تغذية و استمرارية الصراعات المسلحة المختلفة فى وقتنا الحالى بين الدولة و ‏القاعدة و مع الجنوبيين و مع الحوثيين من (اتباع الطائفة اليذيدية الشيعية) و سوف تقود هذه الصراعات إلى تفتيت اليمن من داخله.‏


هذا العناد و الغباء السياسي قد فعله الرئيس المصري كذلك!‏
اخذ الرئيس جورج بوش الابن بعد حرب العراق و إسقاط نظام صدام في العراق و بعد توليه الفترة الثانية من حكمه (بعد 2004) ‏يمارس الضغط على (الرئيس مبارك) و النظام المصري لحسه على عمل تغيرات كبيرة في الدولة تجاه (حقوق الإنسان) و (حرية ‏العقيدة) والديموقراطية.و ضغط بالمثل على النظام السعودي و لكن بصورة اقل حدة و تزامن هذا الضغط مع ظهور (القنوات ‏المسيحية التبشيرية) المتوجهة إلى المسلمين في العالم العربي و بالأخص مصر.‏


اعتبر النظام السعودي و النظام المصري و بكل غباء إن السماح بهذه القنوات التبشيرية و بتوجيه الدعوة إلى المسلمين لدخول ‏المسيحية بمثابة (حرب صليبية جديدة) و يجب إعداد العدة لتصدى لها و قام النظام السعودي بكل خبث كعادته بجعل النظام المصري ‏يتصدى لحديث عن هذه القنوات المسيحية و الشكوى المستمرة منها مع الغرب أثناء المحافل الدولية المختلفة.
قام (الرئيس مبارك) بعمل بعض التغيرات الشكلية في الدستور لجعل الانتخابات الرئاسية تعددية الشكل و المظهر أمام العالم و ‏بالإضافة إلى (بند المواطنة) التي جعل من الموطن المصري اقل من أي مواطن أخر في بلده.‏


حاول مبارك و معه وزير الخارجية استصدار أي قرار من مجلس الأمن باعتبار هذه القنوات تسئ إلى الأديان و تزدريه و حيث ‏انهما فشلا في هذا ، يحاولون المرة تلو الأخرى عن طريق الجمعية العمومية في الأمم المتحدة و المجالس الدولية الأخرى.‏
قام النظام السعودي بعمل مجلس الشورى المعين من الملك ، وقام الملك عبد الله (ملك السعودية) بعمل مؤتمر حوار الدينات في ‏‏(إسبانيا) وكان الغرض منه بالطبع و الغير المعلن ، هو التصدي لهذه (القنوات المسيحية التبشيرية) و اتهامها بازدراء الأديان.


لا اعرف لماذا لا يكون المؤتمر في (الرياض) مثلا ......... حاجة حقيقى وقاحة و سخرة !!!‏


يقوم السعوديون و المصريون بأسلوب (تبادل الأدوار مع بعضهم البعض) لإيقاف أي عمل إيجابي قد يخدم (حقوق الإنسان) في أي ‏منتدى أو مؤتمر على مستوى العالم.‏


لم يستطع (الرئيس مبارك و لا النظام المصري) بالذات إن يستوعبا مدى التقدم التكنولوجي الذي حدث في الغرب خلال العشرة ‏سنوات الماضية فقط و بالأخص الثورة الإلكترونية و المعلوماتية آلتي نعيش فيها ألان و ما سوف يحدث من تقدم و امتداد لهذه الثورة ‏العلمية في خلال العشر سنوات القادمة سوف يتخطى كل الخيال الفكري !
القنوات المسيحية التبشيرية هي نتاج هذه (الثورة الإلكترونية و المعلوماتية) و هي ليست نتاج أي تخطيط سياسي غربي أو خلافه و ‏كانت ممكن الحدوث (إي هذه القنوات) منذ 500 (خمسمائة) عام على الأقل ، لو لم يتم حرق ذاكرة البشرية من 1400 عام بواسطة ‏عمر بن العاص عندما حرق (مكتبة الإسكندرية) إثناء غزوته على مصر و الذي اصطحب معه حفاة البدو من العرب.‏


قام حسنى مبارك بعمل و بناء (خط الدفاع الأول لحماية الإسلام من التبشير المسيحي) ، عن طريق


‏- أسلمت مناهج التعليم و أسلمت أسماء المدن و القرى و الشوارع و أسلمت الآذاعة و التلفزيون،

‏- قام بإعطاء (الضوء الأخضر) لشيوخ الأخوان المسلمين و باقية التنظيمات الجهادية (الإرهابية) المفرج عنها عام 1997 و شيوخ ‏الأزهر إلى الدعوة الجهادية في كل مكان ،

‏- سمح بمهاجمة المسيحين من المساجد ومن خلال مكبرات الصوت ،

‏- سمح مبارك بالدعوة إلى ارتداء الحجاب و النقاب من خلال الإذاعة و التلفزيون الحكومي أيضا ،‏

‏- سمح بالدروس الدينة عن الجهاد في المساجد و الجمعيات الشرعية التابعة لها و في المدارس والمعاهد الأزهرية و الجامعات


‏- قام مبارك بالتصريح بعشرات القنوات الإسلامية المقابلة لقنوات التبشير المسيحية (بحسب وجه نظره )
‏- سمح مبارك لشيوخ السعودية و أمراءها بالتمويل و العمل بنشاط و بحرية في الجمعيات الإسلامية الشرعية الملحقة بالمساجد وفى ‏مصر عموما
قد اعتقد حسنى مبارك و (بذكائه العسكري) ، انه و بهذا الفعل يستطيع إن يبتز العالم الغربي و أمريكا لأجباره على تنفيذ طلباته هو ‏ذاته و ليس العكس .... و في مقابل هذا سوف يدمر البلد قبل موته
أراد مبارك و (بذكائه العسكرى) عن طريق إرهاب مسيحي الداخل و التضيق عليهم و التحرش بالكنيسة ، ارتداع مسيحي الخارج!‏
استطاع حسنى مبارك (بعناده و غبائه السياسي) تدمير المجتمع المصري في خلال الخمسة سنوات السابقة وتم وضع المجتمع على ‏حافة الهاوية مع مصيره المجهول و كان لا يحلم ألد أعداء مصر (السعودية و الخليج) بما فعله خلال السنوات السابقة في مصر.‏
الرؤساء (بوتفليقة و زين العابدين و حتى القذافى) واجهوا و (مازالوا ) هذه الهجمة الشرسة من الوهابية السعودية بكل قوة و لم ‏يستسلموا ولم يفرطوا و لم يبيعوا أوطانهم لشوية بدو حفاة.‏



‏««( الحزب الوطني و تواطئي صفوت الشريف)»»

‏60 عام تقريبا من (التعتيم و التجهيل الإعلامي) و(التخريب الثقافي) لأبناء هذا الشعب الطيب و بأسلوب ممنهج بواسطة فئة لا تشعر ‏بآي وطنية تجاه مصر و هم من (الأصول الغير مصرية) من العاملين في الأزهر و الإذاعة و التلفزيون و الصحافة و المراكز الثقافية ‏و غيرها.‏
نتج عن هذا (التخريب الثقافي) ، هذه القيم الجديدة المنتشرة في وسط الشعب من ( حقد و كراهية و تناحر و تعالى و فقدان الهوية ) و ‏انعدام كل القيم التي كانت سائدة من قبل (انقلاب يوليو 52) أيام الملكية من ( صدق و أمانة و شهامة و إباء و عزة نفس ) و اصبح ‏الغش و الخداع و الكذب وعدم الأمان هو السائد ألان و الكذب و النفاق هو اللغة الوحيدة السائدة في الصحافة و الإعلام في مصر.‏
الحزب الوطني هو (حزب من لا حزب له) ، الحزب الوطني ليس له أي رؤية سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية و يضم الكثير من ‏رؤساء و وجهاء القبائل و العشائر العربية بالإضافة إلى بعض الأسماء المشهورة من المنتفعين على مستوى المحافظات.‏


لا يخرج الأمين العام لحزب الوطني الأستاذ صفوت الشريف (البدوي الأصيل) إلى الشعب المصري و يفتخر بأنه مصري و بأنه ينتمي ‏إلى تراب الأرض المصرية و ليس إلى السعودية العربية و إن كل ما فعله (خلال الثلاثون عام الماضية) كان فقط لخير مصر ‏والمصرين و لا يتواطأ مع السعوديين على خراب مصر.‏
‏(صفوت الشريف) و معه شلته الخاصة بالحزب من العرب أمثال (عمر هاشم و هلال الدين و شهاب الدين و سرور و غيرهم من بتوع ‏الدين) ، وهم في حدود الثلاثين فرد ، و هؤلاء هم المسيطرين الحقيقيين على حكم مصر أو على تخريب مصر.‏
‏(صفوت الشريف) هو صاحب فكرة إنشاء لجنة السياسات في الحزب الوطني ، و قد استطاع من خلالها إدخال (السيد جمال مبارك) ‏إلى الحزب و إلى الحياة السياسة لإعداده تجهيزه و تلميعه لتولى رئاسة مصر بعد موت والده.‏

اشكر القارئ ........ و إلى الجزء القادم