الآلهة الفرعونية و عقائدهم في الميزان (3)



« عقيدة الموت والخلود عند المصري القديم »
عقيدة الموت والخلود لدي المصري القديم.كانت تستهوي فكرة الحياة الأخرى على فكر الشعب المصري بسبب طبيعة المصري القديم وكثرة تأمله فيما حوله من ظواهر مثل شروق الشمس كأنها تولد وغروبها كأنها تموت ثم تعود اى الشمس في اليوم التالي تشرق مرة أخرى
الفيضان الذي يجئ مرة واحدة في العام ، ثم ينخفض من بعد منسوب النيل و الذي قد تم تشبهيه و كأنه إنسان على وشك الموت حيث لا يحمل الخير مثلما يحمل الفيضان من السمك والطمي الخصب ، وفي العام التالي يجئ الفيضان مرة أخرى
كل هذه الظواهر وتأملات المصري القديم أظهرت فكرة الخلود ولكن كان يجب الحفاظ على الجسد لكي تهتدي إليه الروح بعد الموت ليحيا مرة أخرى ، وربما كان ظهور تلك الفكرة بسبب خاصية رمال مصر التي تحافظ على جسد الميت و حيث تقارب شكل جثة الميت شكلها قبل الموت و يلاحظ فن التحنيط الذي كان وما زال يبهر العالم بما حققه من حفظ كامل لأجساد أجدادنا الفراعنة



« طقس دفن الموتى عند المصري القديم »
كان المصريون القدماء يتوجهون بجسد الميت (بعد أن يتم تحنيطه) في موكب حتى يصل إلى الشاطئ الشرقي للنيل حيث ينتظرهم هناك أسطول صغير من القوارب وكان المركب الرئيسي به غرفة كبيرة مبطنة من الداخل بأقمشة في هذه الغرفة كان يوضع جسد الميت ومعه تماثيل: (إيزيس ونفتيس) (الإلهتان الحاميتان) للميت ويقوم الكاهن بحرق البخور وتواصل (النائحات اللطم) على رؤوسهن و بعد عبور النيل حتى الشاطئ الغربي للنيل يستمر الموكب حتى يصل إلى قبر الميت
وبعد عمل بعض الطقوس لا يبقى سوى إنزال التابوت والأثاث الجنائزي وترتيبه ، فيوضع التابوت المصنوع على هيئة المومياء في (تابوت أخر) من الحجر يتخذ شكل حوض مستطيل ويوضع حوله عدة أشياء مثل العصي والأسلحة والتمائم ، ثم يقفل التابوت الحجري بغطاء ثقيل ويوضع بجانب التابوت الأواني (هي الأواني التي توضع فيها أحشاء الميت وتتخذ أشكال أبناء حورس الأربعة لذا فالأواني أربعة) داخل صندوق خاص
ثم توضع المواد الغذائية للمتوفى التي تسمى (الأوزيربات النابتة) وهي عبارة عن إطارات من الخشب على شكل أوزويس محنط وبداخلها كيس من القماش الخشن يملئ بخليط من الشعير والرمل ويسقى لعدة أيام فينبت الشعير وينمو كثيفاً وقوياً وعندما يصل طوله إلى 12-15سم كان يجفف ثم تلف الأعواد بما فيها من قطع من القماش وأما الهدف من هذا العمل هو حث المتوفى على العودة لأن أوزوريس قد أعيد أحياؤه من الموت بهذه الطريقة
« خروج الروح من الجسد عند المصري القديم »
في الدولة القديمة كان صعود روح الملك المتوفى إلى السماء عبر سلم علوي عظيم أو قابضاً على ذيل البقرة السماوية أو محلقاً كطائر أو محمولاً على دخان البخور المحترقة من الكاهن أو عاصفة رملية. أما الاعتقاد الذي استقر بعد ذلك.والذي كان لكل البشر بعد أن أصبح حق عبادة الشعب لأي معبود مكفولة هو خروج الروح على شكل طائر برأس إنسان.





« محاكمة الميت عند المصري القديم »
كانت قاعة محاكمة الموتى في العالم الآخر تسمى باسم (قاعة التحقيق) ، ويوجد بها (اوزوريس) جالساً على العرش وخلفه شقيقتاه (ايزيس ونفيتس و14 نائباً ) ، وفي وسط القاعة يوجد (ميزان كبير) وبجانبه وحش لحمايته، كما يوجد في القاعة أيضاً ( تحوت وانوبيس و تبدأ إجراءات محاكمة الميت عندما يقوم (انوبيس) بإدخال الميت (مرتدياً ثوباً من الكتان) الذي يحي (يسلم على) اوزوريس وباقي الآلهة
ثم (يدافع الميت عن نفسه 36 مرة) لأنه يخشى إن لا يصدقوه فيعيد إقراره الدال على براءته متوجهاً نحو الـ (42 إلها) (كانت مصر مقسمة إلي 42 إقليما فكان كل إله يمثل إقليماً من أقاليم مصر)
و بعد ذلك يذكر الميت كيف كان خيراً (يعطي الخبز للجائع ويقدم الماء للعطشان و يكسى العاري) ثم يوضع قلبه في كفة الميزان وفي الكفة الأخرى تمثال صغير للحقيقة (معات) ولم يذكر تفصيلاً كيف يوزن قلب الميت ولا أحد يعرف هل الآثام كانت تثقل القلب أم تجعله خفيفاً ؟ وإذا أثبت أن هذا الرجل بريئاً كان له الحق في الحياة و السعادة في العالم الآخر أم إذا كان مخطئاً فإنه يدمر بواسطة الملتهمة (وحش خرافي مزيج من التمساح وأسد وفرس البحر)
كان الشغل الشاغل للمصري القديم هو ما سيحدث له في المحاكمة لأنه كان يعرف أنه ليس كل الناس سوف يحظون بالنعيم في الآخرة ، لذا فقد عمد الكهنة إلي عمل بعض التمائم والنصوص السحرية لحماية الميت وتبرئته في المحاكمة ومن هذه الصيغ السحرية صيغة تجعل إله الشمس (الذي يعتبر القوى الحقيقية وراء تلك المحاكمة) يسقط من سماواته في النيل إذا لم يخرج ذلك الميت برئ من ساحة المحاكمة كما وضع الفصل 125 في كتاب الموتى(سأتحدث عنه بعد قليل) لتخليص المذنبين من خطاياهم وكان هذا الفصل ينسخ على ورق بردي ليوضع داخل التابوت بين ساقي المومياء ليبرأ ساحة الميت، وكان الكهنة يتحايلون بهذه الطريقة على الشعب حيث أوهموهم أن بمساعدة النصوص السحرية يمكن أن تبرأ ساحة الميت وإن كان مخطئاُ و من ضمن الأمثلة أيضاَ أسئلة القضاة في حساب المحكمة ،
هل عشت أجلك الذي حدده لك الإله كاملاً؟
هل راعيت حق بدنك عليك كما رعاك الإله في شبابك؟
هل حفظت جسدك طاهراً كرداء نظيف لم تلوثه القاذورات؟


« الحياة في العالم الآخر عند المصري القديم »
تصور المصري القديم أن الحياة في العالم الآخر مثل الحياة على الأرض حيث يوجد سماء مثل سماء الأرض ،ونظراً لأن الزراعة كانت عماد الحياة في مصر أيضاً ستكون ذلك في العالم الآخر حيث تصورا العالم الأخر حقول من القمح والشعير يحصدونها يتمتعون بالخير الوفير والأمان ولكن النبلاء كان من الصعب عليهم أن يعملوا في الحقول فظهرت تماثيل الأوباتشي التي تمثل الخدم أثناء عملهم والخبازين والجزارين والنساء وهن ينسخن القماش، وفائدتها أنها تقومن في العالم الآخر بخدمة مولاها ويعملن كل الأعمال التي كان يجب أن يعملها بنفسه
« كتاب الموتى »
كان من أهم الكتب لدي المصري القديم، وهو كتاب يحتوي على مجموعة من النصوص الدينية والسحرية عرفت عند المصريين باسم (فصول السير أثناء النهار) وكتاب الموتى في الواقع سليل نصوص الأهرام والتوابيت والمراد منه توفير حياة مريحة للميت في الآخرة وإعطائه القوى اللازمة لمغادرة المقبرة عند اللزوم ومعظم ما وجد في المقابر عبارة عن أجزاء من كتاب الموتى التي كان يعتقد الميت أنه في حاجة إليها أما الباقي فلا ينسخ ولكن وجدت نصوص كثيرة تحتوي على كتاب الموتى كله ، وفيما يلي بعض السطور من هذا الكتاب و ترجمتها حسب ترتيب الأسطر.
دعاء لـ "رع" عند ظهوره في الأفق الشرقي
أنظر "اوزوريس" كاتب قرابين الأرباب المقدسة جميعهم "آني" – يقول:
العزة لك يا من أتيت مثل "خبرى" خبرى مثل خالق الأرباب
إنك تبزغ ، وتسطع ، جاعلاً أمك ثاقبة ، متوجاً ملكاً للأرباب
تعمل لك الأم "نوت" بيديها فعل العبادة تستقبلك


« اللعنات وانتقام الميت عند المصري القديم »
كان الميت يخشى اعتداء اللصوص على الذهب والفضة الموجودين في القبر كما كان يرتاب من الموظفين المنوط بهم لصيانة الجبانة، لذا فمن لا يؤدي واجبه منهم بإخلاص كان الميت يتوعده بأشد العقاب بأنهم لن ينالوا شرف التكريم الذي يمنح لأفاضل الناس، ولن يسكب عليهم أحد من المياه المقدسة ولن يتقلد أولادهم وظائفهم كما سوف تنتهك حرمات نسائهم على مرأى منهم ، أما إذا عملوا بجد فسوف يكافئهم الملك وسوف يمنحهم العديد من الوظائف .وإلي جانب ذلك كان يوجد موتى أشرار الذين كان المصري القديم يعتقد انهم يتركون مقابرهم ويزعجون الأحياء كما كان يعتقد أن أغلب الأمراض التي يعانيها الأحياء بسبب الموتى الأشرار


« العقيدة الفرعونية الميزان مع الإسلام »
يلاحظ التشابه الكبير بين (إخناتون) و (محمد صلعم) ، حيث إن إخناتون قد وحد الإله في اله واحد هو الشمس (آتون) و ألغى التعبد أو (التشفع) إلى كل الإلهة الأخرى بالقوة و حاول فرض مذهبة الجديد على الجميع ، و نفس الشئ قد فعلم (محمد صلعم) ، فقد ألغي ما يقارب 360 اله يتشفع بها و اختيار اله مكة (الله) و جعله (اكبر) من كل هذه الآلهة و أطلق عليه اسم (الله أكبر) ، أي الأكبر من كل هؤلاء الآلهة جميعا
يلاحظ التشابه الكبير بين (محاكمة الميت) عند القدماء المصرين و بين (عذاب القبر) عند المسلمين و بالأخص الملاكان اللذان يوجهان الأسئلة لميت و الثعبان الأقرع الذي يتم إخافة المسلم به ، و نفس الشيء نجده عند المصرين القدماء أيضا و لكن بأسلوب أخف و أرحم من الإسلام
يلاحظ التشابه بين محمد رسول الإسلام في معاملة المسلمين له (كنصف اله) و (كإنسان مؤله) و هكذا أيضا الفراعنة و الملوك القدماء كانوا مثل (أنصاف الآلهة) و (مؤلهين) من البشر بالرغم من ذلك كان الفراعنة القدماء اكثر رحمة و اكثر عدلا من محمد
يلاحظ التشابه بين العقيدين أيضا في ارتباطهم بالسماء و الإدعاء من كلتا الجهتين بذلك و بالدعم الآتي من السماء و أن كانت العقيدة الفرعونية القديمة من الناحية النظرية هي أكثر ارتباطا بالسماء عن الإسلام
يلاحظ ان الآله (ست) عضو التاسوع المقدس و المسئول عن الشر و الأعمال الشريرة قديما ، و برغم أعماله هذه ، فهو نظريا اقل شرا من (محمد) رسول الإسلام و (الله) اله محمد
(ملحوظة:)
الجزء القادم سوف يكون الأخير في هذا السلسة و سوف يختص بأسماء أهم الآلهة المصرية و مرتبة حسب الحروف الأبجدية و نبذة عن كلا منهم


اشكر القارئ .... و إلى الجزء الأخير


«( المراجع )»
(1) موسوعة تاريخ أقباط مصر بقلم (عزت اندراوس)
(2) موسوعة مصر القديمة بقلم (سليم حسن)
(3) الحياة اليومية للآلهة الفرعونية و ترجمة فاطمة عبد الله و مراجعة د.محمود ماهر و بقلم (كرستين فافارميكس)
(4)ديانة مصر القديمة و ترجمة د.عبد المنعم أبو بكر و د.محمد أنور شكري و بقلم (ادولف ارمان)
(5)أساطير معبد ادفو و ترجمة محسن لطفى السيد و مراجعة د.محمد صالح
(6) فجر الضمير ترجمة سليم حسن و بقلم (جيمس برستيد)