مصر – فوز و انتصار الكراهية



في الانتخابات الرئاسية الماضية كانت "الكراهية" هي الفائز الأول قبل "مرسى" و الإخوان المسلمين و كانت هي المحرك الأساس لشارع و عموم البسطاء من الشعب
نضجت ثمرة "الكراهية" تلك بعد عشرات السنوات من رعاية رجال  الأزهر من الإخوان و السلفين لها و احتضان الوهابية و تغذيتها فكريا حتى  أصبح الآن الجميع مدعو الى التناول من تلك الثمرة و تذوق طعمها .. ثمرة الحقد والكراهية .. ثمرة الإسلام السياسي الوهابي

لا فرق بين الأزهر و مدارسه الدينة و جامعته و بين الإخوان المسلمين و السلفين ، فالجميع واحد و لا خلاف عقائدي بينهم غير ما يجب ان يعلن أو يبطن الآن و يعلن فيما بعد.. جميعهم في نفس "الملعب" و لكن يتبادلون الأدوار فيما بينهم و جميعهم مسؤولون عن البغض و الكراهية  المسيطرة على النفوس ... تجدهم كالوباء المتفشي في كل مكان و بداية من المدرسة الى الجامعة و المسجد و القرية و المدينة وفى كل مؤسسات الدولة

"البغض في الله" و "الكراهية" لغير المسلم حبا في الرسول ... انهما الوصفة السحرية لالتفاف البسطاء من العامة و الغوغاء حولك عندما تخطب و تتحدث الى الناس في المساجد و في الأعلام ... عملية تخدير و تغيب لعقل الأنسان لكى يتصالح مع نفسة (و يرضى عن نفسه) و يجد المبرر النفسي لجهل و التخلف الذى يعيشه يوميا وسط باقية الشعوب في العالم باعتبارهم اعداء الله و رسوله الموعودون بجهنم و بئس المصير مقابل جنات الخلد الوهمية التي ينتظرها و
تتخذ الكراهية أشكال و ملامح  كثيرة و منها

 - كراهية اليهود المغضوب عليهم من الله اكبر
 - كراهية المسيحيين المشركين عموما و الأقباط خصوصا
 - كراهية أمريكا و الغرب المشرك الكافر
 - كراهية أي تقدم و تحضر و رقى إنساني لكونه بدعه و ضلاله
 - الانحطاط بالمشاعر الإنسانية  و تغليب الأحاسيس الهمجية و العدوانية
 - الانحطاط بالعواطف الفكرية و تغليب المشاعر الجنسية البهيمية
 - كراهية الناس أجمعين لكونهم السبب المباشر في تخلف و جهل المسلمين
 - الانحطاط بالقيم الإنسانية من امانة و صدق و ... الخ .. تحت مبررات دينية
 - كراهية الأوطان و فقدان الهوية لها و فقدان الشعور بالانتماء مقابل الولاء و التشدق الى حياة  و ثقافة بدوية غريبة عنه
 - كراهية الأصول و الجذور الفرعونية و الحضارة القديمة و احتقارها لحساب ابناء القبائل البدوية  المقيمة ، افقد المصريون هويتهم و ماضيهم و جعلهم في حالة انفصام دائم في حاضرهم

أصبح الأنسان عبارة عن بالونه منتفخة يتم شحنها بالكراهية منذ سنوات عدة و أصبح المسلم مدمن على سماع الكلام الذى يثير البغض و الكراهية في النفوس من الشيوخ حتى أصبحت البالون معبئة و قابلة لانفجار في أي وقت
سوف ينتج عن انفجار البالون في أي الأحوال الى أعمال إرهابية و الى حالة مرضية من الهوس الفكري و الانفصام  و الى "حالة ردة  جماعية" و كراهية مضادة و ملاحقة لشيوخ البغض و الكراهية شيوخ الإرهاب الذين سوف يحصدون ما قد زرعوه من قبل

يتحدث الإخوان المسلمين و السلفين كثيرا عن "النهضة" و عن المشروع النهضوي القادم و أجدني اتساءل .. هل هناك "نهضة" و تقدم حضاري و اجتماعي و ثقافي و تعليمي و اقتصادي في المستقبل القريب أو حتى في البعيد منه عن طريق هؤلاء.؟ ... من وجه نظري انه ضرب من الخيال و هو يعتبر المستحيل ذاته و من قبل مناطحة الرياح و الهواء

"النهضة" كمشروع قومي يحتاج الى أهداف و الى شيء ملهم مجمع وجداني و قومي حتى يمكن من خلاله تجميع و تعبئة الغالبية لتلتف حوله و أثناء ذلك يبدأ المشروع  النهضوي في العمل ، لا أجد غير "الكراهية" سابقة الذكر التي من خلالها تلتف و تتجمع الجماهير حولها و هي في نفس الوقت لا تعلم و لا تدرى انها تمارس البغض و الكراهية

المشروع النهضوي يحتاج الى تكاتف غالبية الشعب و وعيه و أيمانه بالنتائج المرتقبة في حالة تنفيذه ... كيف يتم ذلك و هناك الكثيرين ممن يقومون ببيع أصوتهم في الانتخابات من أجل شوية سكر و زيت ... كيف تتم النهضة المزعومة و قد قام الأزهر و رجاله من الإخوان و السلفين في المساجد و الأعلام بتدمير الأنسان ذاته خلال الستين عام الماضية ... كرامة و عزة نفس ...الخ

الكراهية تدمر و لا تبنى .. تأخر و لا تتقدم .. تنحط بالمشاعر و الأحاسيس الإنسانية و لا تسمو بها أو ترتقى بها و تدمر كل القيم و الثوابت التي توارثتها البشرية من قديم الزمن

ماذا قدم "مرسى" لقريته التي قدم منها و هو على أتصال دائم بها و هي أقل ما توصف به عبارة "خرابة" و "مزبلة" ... النظافة و الرقى لا يحتاجان الى أموال و لكن يحتاجان الى نوعية بشرية و نوعية ثقافية غير موجودة في قريته و هو لا يستطيع ان يقدم شيء لقريته الكبيرة "مصر" و سوف تتحول باقية أحياءها الراقية في عهده الى مزابل و خرابات كبيرة

ما يحدث في مصر الآن ذكرني ببواب العمارة الذى ترك قريته و اشتغل كحارس لأحدى العمارات في أحدى الأحياء الراقية  ثم أخذ يستقدم أفراد اسرته و أقاربه ليسكنهم حوله ليستقوي بهم امام أبناء العمارة و الحى ..  بعد موت صاحب العمارة استطاع اثبات ملكيتها بتزوير مستنداتها و أصبح هو صاحبها و هو لن يتركها حتى الموت أو تنهار... هكذا فعل "مرسى" و الإخوان المسلمين و السلفين فقد أخدوا يتمسكنون حتى تمكنوا من مصر و أصبحت لبيع

مع شكري و محبتي